حكاية بوكاي مع هامان

slide

السلام عليكم جميعًا!
فيما يلي نص رسالة تلقيتها للمرة العاشرة ويبدو أنها منتشرة! أوردها هنا دون تصحيح:


هامان !!!
هذا الإسم ورد ذكره فى القرآن الكريم كوزير فرعون موسى ..بينما لم نجد أى إشارة عنه فى الإنجيل أو التوراة..هذا ما أثار فضول العالم الفرنسى المسلم وعملاق التشريح «موريس بوكاى ».
فقام بالبحث فى سر هذا الاسم … … ذهب إلى أحد المختصين فى تاريخ مصر القديمة وعرض عليه الاسم وطلب منه ترجمة معنى هذا الاسم باللغة الهيروغليفية..
أتى له الخبير بكتاب “قاموس أسماء الأشخاص في الإمبراطورية الجديدة”..وفتحا الكتاب ..وكانت المفاجأة أكبر من أى تصور…كان معنى اسم هامان رئيس عمّال مقالع الحجر”…!!!
قال (بوكاى ) للخبير : لو قلت لك أنى قد وجدت مخطوطة منذ 1400 سنة ..كتب فيها أن هامان كان وزير فرعون ورئيسا للمعماريين والبنائين..ماذا تقول فى ذلك..؟؟
انتفض الخبير من مكانه وصرخ قائلا : مستحيل..هذا الاسم لم يرد ذكره إلا على الأحجار الأثرية لمصر القديمة وبالخط الهيروغلوفي.. أحدها موجود في متحف “هوف” في “فِيَنا” عاصمة النمسا.. وهذه المعلومة لا يذكرها إلا شخص قامَ بفك رموز اللغة الهيروغليفية..وعرف معنى كلمة هامان ، وهذا لم يتم إلا عام 1822 !!!
أين هذه المخطوطة .. ؟!
عِنْدَئِذٍ فتح « بوكاى » نسخة مترجمة من القرآن وقال له اقرأ ↓↓↓↓↓↓↓
فهذا هو معجزة محمد … القرآن الكريم :

۩۞۩ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِين ۩۞۩
[القَصَص/38] وَالأَعْجَبُ مِنْ ذَلِك : أَنَّهُمُ اكْتَشَفُواْ بَعْدَ حَلِّ اللُّغْزِ الَّذِي حَيَّرَ الْعُلَمَاءَ قُرُونَاً طَوِيلَة :
كَيْفَ رَفَعَ الْمِصْرِيُّونَ القُدَامَاءُ هَذِهِ الأَحْجَارَ الطَّوِيلَة .. ؟!
انتهى تَفْكِيرُهُمْ وَأَبْحَاثُهُمْ : إِلَى أَنَّهُمْ صَنَعُواْ قَوَالِبَ لِهَذِهِ الأَحْجَارِ الْعِمْلَاقَة ،
ثُمَّ مَلَأُوهَا بِنَوْعٍ مِن أَنوَاعِ الطِّينِ الصَّخْرِيّ ، ثُمَّ أَوْقَدُواْ عَلَيْه،
وبِالفِعْلِ :
وَجَدُواْ بَعْدَ تَحْلِيلِ عَيِّنَاتٍ مِنْ صُخُورِ الأَهْرَامَاتِ أَنَّهَا لَيْسَتْ صُخُورَاً طَبِيعِيَّة كَمَا يَبْدُوْ،
وَإِنَّمَا هِيَ مَصْنُوعَة بِيَدِ الإِنْسَان ، وَعُمْرُهَا مُسَاوٍ لِعُمْرِ الأَهْرَامَاتِ تَمَامَاً !!!
وَلِذَا جُنَّ جُنُونُهُمْ وَأَسْلَمَ مُعْظَمُ فَرِيقِ الْعَمَل ؛ عِنْدَمَا وَجَدُواْ بَعْدَ هَذَا الْعَنَاءِ الطَّوِيل :
رَبُّنَا ﷻ فِي التَّنْزِيل ، يَذْكُرُ قَوْلَ فِرْعَوْنَ لِهَامَانَ يَأْمُرُهُ بِالْوَقُودِ عَلَيْهَا !!!
۩۞۩ فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحَاً ۩۞۩ [القَصَص/38] فَسُبْحَانَ مَن هَذَا كَلَامُهُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِن خَلْفِه !!!
[من أجمل ما قرأت]

انتهى نص الرسالة…
لدي النصّ المسجل صوتًا وصورة برواية بوكاي عن موضوع تعرّفه معنى اسم “هامان” الوارد في القرآن الكريم وذلك في سياق جلسة خاصة مع مسلمين في شيكاغو في عام 1987.
ويرد تعليقي على هذه الرسالة وغيرها ضمن مقال طويل ينشر تباعًا على مدونتي على موقع بوكاي الوحيد bucaillelegacy.com يحتوي بالنقد على أمثلة مشابهة نشرها وأذاعها على مدى عقود مشايخ ودكاترة ونقلها مجهولون. وقد أسهم انتشارها في تسويق جرعات مرعبة من الجهل المخيف ليس فقط على المستوى السطحي ولكن في صميم ما يمكن أن أسميه “بنية العقل المسلم”. والمقال بعنوان: “بين التأليف والتحريف: العقل المسلم – دراسة حالة” ولا أغالب الرغبة في كتابتها “التخريف”!
وتعليقي على الرسالة ينطلق من أسلوب العرض المشابه لأساليب مقالات التأليف والتحريف من انعدام تام ليس فقط للدقة العلمية (ولم أتصوّر وجودها أساسًا) بل لقدر مناسب من القدرة على رواية قصة “مخترعة” بشكل مقنع.
لنأخذ مثلاً تعريف هامان “كوزير لفرعون”. وقد راجعت المواضع الست التي يذكر فيها اسم هامان في القرآن الكريم فلم أجد اسم هامان ولو مرة واحدة معرّفًا كوزير لفرعون! فمن أين أتى الأخ (أو الأخت؟) بهذا الافتراء الجائر؟ ويصل الجهل مداه حين يكتب أن بوكاي قال للخبير: “إني قد وجدت مخطوطة منذ 1400 سنة..” (يقصد القرآن) “كُتب فيها أن هامان كان وزير فرعون ورئيسا للمعماريين والبنائين..” كُتب فيها أن هامان كان…..!!!!! كًتب في القرآن؟!؟! لو تفكّر الأخ المسكين قليلاً لوجد نفسه من حيث لا يدري، ولا يريد، يفتري على كتاب الله!
وإذا كان القرآن يعرّف منصب هامان وصفته الوظيفية، كما ذهب الأخ، فلماذا يقصد بوكاي عالماً في الهيروغليفية ليسأله عن معنى اسم هامان!!!؟؟؟
وبالطبع لم أتوقع من كاتب الرسالة وناشرها عناء البحث الميسر على الشبكة العنكبوتية (إن لم تتوافر لديه كتب) عمن حقق فتحًا في فك طلاسم اللغة الهيروغليفية: الشاب جان – فرانسوا شامبليون، ولا متى نشر كتابه التاريخي “أبجدية الكتابة الهيروغليفية” Precis du Systeme Hieroglyphique (في عام 1824). وعوضاً عن ذلك يكتفي الكاتب بذكر 1822 والسلام! وفي الرسالة أيضاً ترداد لأنفاس مؤلفي المقالات السابقة ممن يعيشون دراما التفكير بالتمنيWishful Thinking العامرة بالخيال ولغة الكليشهات وأساليب الميلودراما الغابرة منذ مطلع القرن العشرين من نوع “بوكاي المسلم” (أين دليلك؟)…”عملاق التشريح”(!!!!)…” انتفض وصرخ…أين هذه المخطوطة؟؟؟” حينئذ فتح بوكاي نسخة وقال له “اقرأ”!!! ..فهذا هو معجزة…”!!!. يا للهول! هذه هي أعراض التأليف الميلودرامي المنتشرة…مؤكد أن الأخ كان معهما! وعبارات أخرى من نوع: اكتشفوا…(من هم؟ وأين أبحاثهم؟ لا تسأل من فضلك!). وبعد جرعات من الخلط والجهل المخيف (المتداول للأسف بكثرة بين من يفترض فيهم أمانة البحث!) حول التكوين الجيولوجي لصخور الأهرامات (وقد بنيت قبل 4627 عامًا) والطين المستخدم في البناء في قرى مصر منذ آلاف السنين من جهة، وفرعون موسى عليه السلام (وقد عاش وهلك منذ 3220 عامًا) من جهة أخرى، يتبين أن هناك فارقًا زمنيًا قدره 1407 سنة بين عصر الأهرامات وعصر الأسرة التاسعة عشرة التي ينتمي إليها فرعون موسى عليه السلام (معلهش هيه جت على كام سنة!)…
ولنضف إلى هذا الجهل المركب العبارة المتكررة في أمثال تلك الرسائل: بعد أن اكتشفوا “جُنَّ جُنُونُهُمْ وَأَسْلَمَ مُعْظَمُ فَرِيقِ الْعَمَل”…ولا يبين لنا المؤلف لماذا لم يسلم “كل” فريق العمل!


من المؤسف القول بأنني إزاء هذه الأقوال سيئة التأليف والتعبير لا أجد سوى أسلوب السخرية للتعليق عليها. وأشعر بالرثاء في الوقت نفسه لحال مسلمين لا يدركون أن ثُمن1/8 كلمات القرآن تنصّ على تفعيل بعض أعظم نعم الخالق العظيم على بني آدم: نعمتا العقل والعلم…دع عنك أمانة النقل التي توجب الصدق مع الله ومع خلقه.
إنها حالة واحدة من حالات العقل المسلم المعاصر المثيرة للأسى في أكثر من ميدان وطريق.
بعد هذه الرسالة من ناقل بن مجهول، نتابع غدًا إن شاء الله حكاية بوكاي عن هامان برواية أخرى “غير مجهولة المصدر”!
الفاروق عبد العزيز

حكاية بوكاي مع هامان
4 votes, 5.00 avg. rating (100% score)

Share this post Leave a comment

عن المؤلف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *